الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
من سوء المصير فساد ذات البين:وة الكرام, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:
((إِيَّاكُمْ وَسُوءَ ذَاتِ الْبَيْنِ فَإِنَّهَا الْحَالِقَةُ))
إياكم وسوء ذات البين
[أخرجه الترمذي في سننه]
لا أقول: حالقة الشعر، ولكن أقول: حالقة الدين.
سوء العلاقة بين المسلمين, بين الأخوين، بين الجارين، بين القريبين، بين الأم وأولادها، بين الأب وأولاده، بين الأخوة والأخوات، سوء العلاقة مطلقة، بين أي إنسانين لها أثر مدمر على الدين، يؤكد هذا المعنى حديثُ سَلْمَانَ قَالَ:
((قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: يَا سَلْمَانُ, لَا تَبْغَضْنِي فَتُفَارِقَ دِينَكَ, قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, كَيْفَ أَبْغَضُكَ وَبِكَ هَدَانَا اللَّهُ؟ قَالَ: تَبْغَضُ الْعَرَبَ فَتَبْغَضُنِي))
أي فساد ذات بين هي عند رسول الله حالقة, تدمر الدين، لذلك: دأب الشيطان أن يحرش بين المؤمنين.
تجد المجتمع الإسلامي في وقت غفلته عن الله فرقًا وأحزابًا وطوائف، الآن على مستوى طائفة واحدة، على مستوى مذهب واحد، على مستوى جماعة، أينما دخلت تجد خصومات، طعن، غمز، لمز، حقد، حسد ....:
((إِيَّاكُمْ وَسُوءَ ذَاتِ الْبَيْنِ فَإِنَّهَا الْحَالِقَةُ))
لا أقول: حالقة الشعر، ولكن أقول: حالقة الدين.
دائماً عندنا قاعدة، وهذه تنسحب على معظم حياتنا، مثلاً في تركيا حصلت تفجيرات، تركيا الآن لها اتجاه إسلامي، حكومة إسلامية، إحدى عشر وزيراً مسلماً، ونساء محجبات، قدموا خطوات للتقريب بينهم وبين المسلمين، فحصل تفجير، ومعظم الضحايا مسلمون! من ربح من هذا التفجير؟ اليهود، إذاً: الذي دبر هذه الانفجارات يهود، الآن إذا حصل خصام بين المسلمين لصالح من؟ لصالح الشيطان، فبوحي من الشيطان، بوسوسة منه: يحرش بين المؤمنين، لذلك:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:
((إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يُعْبَدَ بِأَرْضِكُمْ هَذِهِ, وَلَكِنَّهُ قَدْ رَضِيَ مِنْكُمْ بِمَا تَحْقِرُونَ))
والقاعدة الذهبية: أن الشيطان يبدأ مع الإنسان فيوسوس له بالكفر، فإن رأى الإنسان على إيمان وسوس له بالشرك، فإن رآه على توحيد وسوس له بالبدعة، فإن رآه على سنة وسوس له بالكبيرة، فإن رآه على طاعة وسوس له بالصغيرة، فإن رآه على ورع وسوس له بالمباحات، يتوسع بالمباحات إلى أن تمتص المباحات كل وقته، ويهمل عبادته، لو أن هذا المؤمن على إيمان، وعلى توحيد، وعلى سنة، وعلى طاعة، وعلى ورع، وكان بعيداً على أن ينغمس في المباحات, بقي في يد الشيطان ورقة واحدة رابحة؛ التحريش بين المؤمنين.
أحياناً ضمن الأسرة الواحدة خصومات، حسد بين الأخوة، ضمن الجيران، ضمن الأخوة ، مسجد واحد تجد فيه الخصومات، لذلك قيل: لا بد للمؤمن من مؤمن يحسده، أو منافق يبغضه، أو كافر يقاتله، أو شيطان يرديه، أو نفس تؤذيه، من فعل الشيطان التفرقة، والتمزيق ، والخصومات، والعداوات، والغمز، واللمز، والحسد، والغيبة، والنميمة، والتشرذم، والمسلمون لا يضعفون إلا بهذه الطريقة:
﴿وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا﴾
[سورة الأنفال الآية: 46]
أي خلاف بين المؤمنين لصالح الشيطان، هو بوسوسة الشيطان، آخر ورقة رابحة بيد الشيطان؛ التحريش بين المؤمنين.
انتهز فرصة العيد بصلح ذات بينك:
انتهز فرصة العيد بصلح ذات بينك:
أنا الذي أراه الآن: يوجد مظاهر إسلامية العقل لا يصدقها، هناك مساجد بلغت كلفتها ألف مليون دولار فوق البحر، تجلس في الحرم فترى أمواج البحر، قال الذي أمر ببناء المسجد, استوحى هذا من قوله تعالى:
﴿وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ﴾
[سورة هود الآية: 7]
حضرت مؤتمرين، أحدث تقنية في المؤتمر، لكن النساء اللواتي يدرن الأمور الإخبارية والصحفية متبرجات بثياب فاضحة، كأن الإسلام قضية ثقافة، قضية تراث فقط، أما التطبيق فالمظاهر الإسلامية صارخة، كان الإنسان يخرج من المدينة للبصرة ليتبع حديثاً شريفاً واحداً، الآن تشتري سيدي بخمس وخمسين ليرة فيه مئة ألف حديث، البحث بثانية، شيء لا يصدق، توافر المعلومات, والمكتبات ...
ألقيت محاضرة بمؤتمرات، الآن تفتح بالإنترنت, تجد المحاضرة صورة وصوت كاملة وثابتة، يوجد إنجازات حضارية ثابتة، لكن لا يوجد حب بين المؤمنين، يوجد شحناء، بغضاء، كيد، غمز، لمز، طعن، الورقة الرابحة الأولى بيد الشيطان؛ التحريش بين المؤمنين.
ونحن مقدمون على عيد، فبطولتك: أنه إن كان هناك خصومات, فتور علاقات، شحناء، يجب أن تكسر هذا الحاجز، وأن تمد يدك إلى أخيك، أو أن تفتح معه صفحة جديدة، هذا الذي يليق بالمؤمنين، فنحن حينما عددنا ثاني يوم من أيام عيد الفطر من أجل معايدات الأخوة، نحن مع بعضنا كل أسبوع مرتين أو ثلاث، ولا بد من معايدة، هذه تتم في القاعة الشرقية، لكن بقية أيام العيد ينبغي أن تنصرف إلى أولي الأرحام، قد يكون الأخ له أخت في المخيم, ما تمكن أن يزورها منذ سنة، إن صلة الرحم من العبادات الكبرى في الإسلام، بل إن صلة الرحم تزيد في العمر، وإن صلة الرحم تزيد في الرزق، هذا شيء ثابت في الإسلام، تزيد في العمر وفي الرزق، ذلك أن الناس أنت لهم وغيرك لهم، أما أقرباؤك فما لهم غيرك، أختك، ابنة أخيك متزوجة في طرف المدينة، هذه تشعر أن أخاها بعيد عنها، لو زرتها والله لانتعشت.
فأنا أتمنى أن يكون هذا العيد فيه عمل صالح مركَّز، وصلة الرحم أن تزور أخوانك، أتمنى أيضاً أن تتفق الأسر على جعل يوم عند واحد، يجتمع فيه الجميع، أنا لا أتمنى أن نتراشق ببطاقات الزيارة، وإذا ضاقت عليك الأمور تتمنى ألا تجده، وقد تضع البطاقة دون أن تقرع الجرس عبئًا وانتهيت منه، ليست هذه صلة الرحم.
بالمدينة المنورة قد بلغني: أنه يوجد للمدينة أربعة أرباع، ربع يقبع فيه أهل هذا الربع في بيوتهم في هذا اليوم، فكل الزيارات صائبة، والأكمل من ذلك: أن كل أسرة تجتمع في بيت واحد، كل يوم في بيت، يجتمعون, يتواصلون، يتناصحون, يتعاونون، يكشف الواحد حاجات أقربائه.
أنا طبقت هذا، نحن دعينا آل النابلسي إلى لقاء في هذا المسجد، اجتمع مئة وخمسون، وعدتهم كل شهر بدرس لهم، ودرس لأولادهم، وبتقديم مساعدات قدر إمكاننا، وبتفقد فقرائهم، وتفقد طلابهم، أنا أطبق هذا، فإن طبقت كل أسرة هذا المنهج ...., العيد لصلة الرحم، أسخف تفسير، أو أضيق فهم لهذه الصلة أن ترشقه ببطاقة، أو أن تتصل به هاتفياً، أو أن تزوره، وأنت فوق وهو تحت، لا هو غني عن هذه الزيارة، وهذه الزيارة لا تقدم ولا تؤخر، لكن زره بتواضع، اسأله عن أحواله، وعن أحوال أولاده، عن وضعه المعاشي، عن وضعه التربوي، عن وضعه الاجتماعي، عن خطط أولاده، زره مرات و