● سَجِلنِي مُشتَاق ●
يقف متلهفًا حين يُنادى بالراغبين باستشهادية
فقد كان هذا الحلم يراوده
منذ وطئت قدماه أرض الجهاد
بل من قبل ذلك !! ..
فكانت هذه الأمنية
هي النبضات التي
تعزف في قلبه لحن الشوق ..
وعندما ألقيت بين يديه
ورقة بيضاء نقية تعكس صفاء روحه
ليدون فيها اسمه ..
كان يكتب كل حرف منه كخفقة
من السعادة الأزلية ..
وقد يمازج حبرالصدق رذاذ الشوق
الذي يهوي من عينيه ..
ترتعش أنامله
وبالكاد خط اسمه على ورقة الخلود
فقد هزه التوق
وهتف قلبه بملئ الحنين
سجلني مشتاق ..
ياه
هل هناك من مقياس لقدر هذا
الصدق
أم
هذا الشوق !
المنبعثان من روحه ..
لا
لا يُقدَّر إلا في علم الله
فقد استشعر بيقينه
ريح الجنة ..
يترقب
وينتظر النداء الثاني
نداء الحياة
[ قد حان دورك ]
أو
قرعة يرسي فيها
مؤشر الاصطفاء عليه ..
وكلما جاءت يد القدر تستدعي
حبيبا يركن بجواره
انتابه ذلك الشعور الخفي
الذي يحشرج في صدره ..
شعور مختلط ما بين
حزن
وعتاب
وشوق !
يشدو فيه عهدًا جديدًا من الصدق ..
فلم يكتفي بعنونة اسمه في سجل
"من اخذ بعنان شوقه ولم يتلفت "..
بل حدَّث ميثاق الصدق
وختمه ببندٍ
" كلما طال بعدك زاد إصراري
وصدقي "
وكأنه يخبر المتعاقبين من بعده
" هكذا تنالها وقد عبدنا لك الطريق"
وبينما كان يلتقط ما ارتاب منه
وظن أنه الحائل بينه وبين أمنيته
ويُلقه خارج عمره المؤقت
ليظفر بعمره الخالد..
جاء البشير
وكأنه حين كان يلقي اسمه يرتل لحنًا
على مسامعه ..
ويرسل برقية
فيها أوامر بإعدام ألم الانتظار ..
وكأن الساعي حين قذف تلك الحروف
خطف قلبه وسطا على اهتمام روحه ..
دنى الموعد واقترب اللقاء ..
أم ..
هي شهادة حسن الصدق
وجواز القبول
يتجاوز به إلى النعيم السرمدي ..
كل تلك المشاعر
تخبرك بها عيناه
حين تلمع بالعزيمة
وتضيء بدموع الفرح ..
في تلك اللحظة
كان الشعور جارفًا لا يمكن لأي حد
أن يحصره أو يقف في مجراه ..
أسرع بلهفة
وأقبل والبسمة تتلألأ وتتهلل على
ثغره ..
وفي مدة توقف فيها الزمن
وأصبح حساب الوقت بعدد نبضاته ..
وفي لحظات وجيزة !!
صلى
استعد
تنهد
و مضى
يتخطى العوائق ويصوب شوقه نحو الهدف
وضغط على قرار خلع الدنيا
فكان صدق عزمه لهيبًا ..
اجتاح مخيلتنا
وكأنه يمحص عن الصدق في قلوبنا
ويقول
هذا انا !
فكيف أنت ؟
يالله ..
من هؤلاء ؟!
ماهو كم الشوق الذي يتوارى
خلف صدورهم ؟
ما هي درجة الصدق الراسخة
في أعماقهم ؟
أم ..
هم أجساد على الأرض
أرواح في السماء؟! ..
رحل ..
ولكنه ترك خلفه عقولا حائرة من
صنيعه
وأسئلة تائهة ومنطرحة في لهيب
شوقه الذي يأجج شغفنا ..
لكن دون جواب !
والسر
مأسور في صدور الإستشهادين ..
فلا يجيبك عنه ويحل طلاسم الحيرة فيك
إلا
اسم قد دون في قائمة
" الأتقياء الأنقياء "
صف ..
أوله مشتاق وأخره مشتاق
على نسق واحد ونغم واحد
"وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى