خواطِر قاعد "
مُنتَصفُ اِللَّيلِ كَانَ القَمرُ بَدراً ..
جلسَ وحدهُ ؛
كل شيء كان يُحيط به ..
الكل بِجانبة ..
أهله ، أحبته ، صُحبته ..
و وظِيفة مرمُوقة ومَكانة عَالية وسَيارة فاخِرة كُل الترفِ يُحيط به!
إلا ان غُربتة مُترَاكمة وشُعور الحَاجَة لشَي ما اجتاحَ قَلبة وأثقَلَ صَدرهُ!
لا شَيءَ كان يُواسِيه سِوى الظِل ..
هُدوءٌ صَاخِب يسكُنه .. يرمِقُ نُورَ القَمرِ وقد تشَكلَ طيفُ الأحِبة ..
ليلٌ يحرِضُ اشتياقه .. يتصفَحُ فيه حَالُ الرَاحِلينَ ..
فحَلقَت به الذُكرياتُ تسرُد حِكايةَ الحَنينِ .. تجُوبُ به بين عِالمينِ .. وهو يتَأوهُ ويُتمتِم ..
( فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِر )
وهناك بِجانب مُجاهدٍ وشَهيدٍ ، ثمّة مَكانٍ شاغِرٍ ..
كُتبَ عَليه هُنا مَكانُك .. لازِلنا ننتِظرُ قُدومَك !
رابطٌ يخِبرُنا بسرِ حَاجتِه ..
رِحلَةٌ قَصِيرةٌ .. تكونَت فِي مُخيلتِه ..
قَطعَتها الدُموعُ !
......
لا زَالَ جَسدهُ أسِيرَ القُعودِ ..
فَارِغ مِن الرُوحِ وقد أعلَنتِ الحَربَ ،
عَلى الذُّلِ وامِتطَت العِزَّة فترَكتُه وحِيدًا يترَنحُ بين أزِّقَةِ القُعودِ ..
فيرتَطمُ بُجدرانٍ مِن الواقِعِ المُرِ!
" إِلَّا تَنفِرُوا۟ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ "
ولا سَبِيلَ له كَي يُنهِيَ مأسَاتُه إلا أن يروِيَ ضَمأَ الإشتِياقِ ..
ويردِمَ ذلك الفرَاغَ بتتبِع أثرَ الرُوحِ ..
ويمضِي تاركًا هَمسَ الخَيالِ الذي ما فَتيء يُوقِدُ نارَ الحَسرةِ فِيهِ .. ويُوقِظَه عَلى ذُلِ القُعودِ ..
ليصِلَ إلى سَاحلِ الحَقِيقةِ .. حَيثُ يجتَمعُ شتَاتَه ويلتِقيَ بِنفسِه التي كَانت هَائِمةً فِي أقِبيةِ الهَوانِ