2- مقدمة وأهمية إنشاء الكرسي
تعتبر مشكلة نقص ومحدودية الموارد المائية العذبة واحدة من التحديات الكبرى التي تواجه العالم حاليا على وجه العموم والمنطقة العربية على وجه الخصوص، وهناك حاجة ماسة لإستراتيجية مستدامة لتوفير المياه العذبة لتلبية متطلبات الحياة الصحية والنمو والازدهار الاقتصادي للمجتمعات البشرية. وحيث أن البحار تعد مصدرا لا ينضب للمياه ومتاحا لمعظم الدول ، فإن أي إستراتيجية مستقبلية لتوفير المياه العذبة لابد أن تعتمد على نظم وتقنيات تحلية المياه المالحة بطرق اقتصادية مستدامة. ولذلك فقد أصبحت صناعة تحليه المياه المالحة اختيارا ضروريا لحل مشكلة النقص في موارد المياه العذبة، وخاصة لاستخدامات مياه الشرب، لدى كثير من دول العالم التي تعاني من نقص في مواردها المائية التقليدية. وقد كانت المملكة العربية السعودية سباقة في إدخال صناعة تحلية المياه المالحة لإنتاج مياه الشرب البلدية على نطاق واسع. وحاليا تعد المياه المحلاة عنصرا أساسيا في معادلة الأمن المائي للبلد وأصبحت صناعة تحلية المياه قطاعا إنتاجيا عملاقا في المملكة. على الرغم أن المملكة تنتج ما يزيد على خمس الإنتاج العالمي من المياه المحلاة فإن القدرات الوطنية في مجال تقنيات تحلية المياه لا تزال محدودة ولا تتناسب مع حجم الإنتاج الضخم. ولذلك فمن الضروري استخدام التقنيات الحديثة في تطوير العمليات الحرارية في تحلية مياه البحر وذلك لزيادة معدل الإنتاجية للمياه المحلاة وخفض التكلفة.
اعتمدت محطات تحلية المياه المنشأة في المملكة العربية السعودية على تقنية العمليات الحرارية منذ سنين عديدة ويرجع السبب في ذلك إلى المستوى العالي من الجاهزية والوثوقية التي تتمتع بها محطات تحلية المياه الحرارية، وبالإضافة إلى جانب ذلك فإن الوفرة النسبية لمصادر الطاقة الحرارية التي تتمتع بها المملكة العربية السعودية تدفع بالإبقاء على تقنية العمليات الحرارية. وبالتالي فإن هناك أهمية كبرى للمملكة العربية السعودية أن تسعى حثيثا لتحسين كفاءة تقنية تحلية المياه الحرارية من خلال دراسة وتوطين تقنيات التحلية الحرارية. تعتبر طريقة تحلية المياه بالتبخير الوميضى متعدد المراحل هي الأكثر انتشارا في العالم بصفة عامة وفى المملكة العربية السعودية بصفة خاصة. وتمتاز هذه الطريقة بأنها الأكثر لإنتاج المياه المحلاة بكميات كبيرة وكذلك إمكانية الاعتماد عليها لإنتاج المياه المحلاة في المدن الكبيرة. وتعتمد طريقة تحلية المياه بالتبخير الوميضى متعدد المراحل على حقيقة أن درجة غليان السوائل تتناسب تناسبا طرديا مع الضغط الواقع عليها ،حيث تنخفض درجة غليان السائل كلما قل الضغط الواقع عليه.
هذا المقترح البحثي يتعلق بدراسة عملية لتحسين معدل التبخير لمحطة تحلية المياه العاملة بالتبخير الوميضى متعدد المراحل وذلك باستخدام تقنيات حديثة لعمل وميض تبخرى متطور لنافور ثنائي الأطوار لمياه البحر وتحويل المياه إلى قطرات وفقاعات صغيرة جدا فى الحجم ، وبذلك يزداد معدل التبخير بدرجة كبيرة عند تعرضها لانخفاض الضغط ولو بدرجة قليلة, كما انه يقلل عميلة ترسيب القشور على الأنابيب والتى يتسبب وجودها فى مشكلات كبيرة فى محطات تحلية المياه حيث تقلل القشور معدل انتقال الحرارة خلال الأسطح الموجودة عليها. لهذا يعتبر منع ترسيب القشور جزءا متكاملا مع تصميم وتشغيل واقتصاديات عمليات تحلية المياه الملحة.
ولتحقيق هذا الغرض فسيتم إجراء التجارب المعملية بمركز التميز البحثي فى تقنية تحلية المياه - جامعة الملك عبد العزيز , حيث يتم تصميم وتركيب نموذج لعمل وميض تبخرى متطور لنافور ثنائي الأطوار لمياه البحر وتحويل المياه إلى قطرات و فقاعات صغيرة جدا فى الحجم وبذلك يزداد معدل التبخير بدرجة كبيرة عند تعرضها لانخفاض الضغط ولو بدرجة قليلة ، ويتم دراسة تأثير شكل وأبعاد النافورة المستخدمة والمصممة خصيصا لعمل وميض تبخرى متطور لنافور ثنائي الأطوار على معدل التبخير، وأيضا يتم دراسة العوامل التشغيلية والتصميمية المختلفة للمبخر من النوع التبخير الوميضي على معدل التبخير.
وكذلك يتم عمل دراسة نظرية و نموذج رياضي جديد لدراسة ونمذجة عملية رش الماء من النافورة المصممة خصيصا لجعل المياه المرشوشة مكونة من طورين من السريان (سائل وفقاعات من البخار) ثم تبخيره نتيجة إمراره فى المبخر والذي يكون عند ضغط أقل من ضغط المياه المرشوشة ، وذلك باستخدام المعادلات الواصفة للسريان وانتقال الحرارة و تحويلها إلى معادلات لا بعدية يمكن حلها فى ظل ظروف التشغيل المختلفة . وكذلك يتم دراسة تأثير شكل وأبعاد النافورة المستخدمة وكذلك العوامل التصميمية والتشغيلية المختلفة على معدل التبخير، وذلك بهدف الوصول إلى أحسن ظروف للعوامل التصميمية والتشغيلية المختلفة والتي عندها يكون أقصى معدل تبخير ممكن.
ومن المتوقع بعد تحليل ومناقشة النتائج للمقترح البحثي عن أنه يمكن اعتبار التقنية الحديثة المقترحة بديلا عن النظام التقليدي لعملية التبخير لمحطة تحلية المياه العاملة بالتبخير الوميضى متعدد المراحل حيث يمكن زيادة معدل الإنتاج للمياه المحلاة بمعدل كبير عن الوحدة التقليدية عند نفس ظروف التشغيل, كذلك تقليل التكلفة الكلية للماء المنتج. كما يمكن اعتبار هذه التقنيات المستحدثة لتحسين معدل التبخير من التقنيات الواعدة والمأمولة في مجال تحلية مياه البحر.