「أُكْتُبْ، أُكْتُبْ لِيَمُرّ يومك بسلامْ، أكتب لَعَلَّ وعسَى يشتاق لك النومْ فيعانقكَ ولوْ لدقائقْ فتحضنه وتنامْ، أُكْتُبْ كأنَّك تَكْتُبُ في يومك الأخيرْ وليومك الأخيرْ، أُكْتُبْ وانتظرْ جوابا يأتيك منه الخبر اليقينْ ينسيك عذاب السنينْ.
تفوح رائحة الحزْن منكْ، تكسيها لحظات من الفرح الملوّنْ بالرمادِّي يظنّها الكثيرون أنها لحظة فرح لكنها محاولة بائسة لتعطيل الالم و تأخير اجتياح اللّوْن الاسود صديقه الرمادي ، ضحكاتك مركّبة متسلسلة متقطِّعة يعتريها لحظات نشاز كأنك موسيقيٌ فاشل يحاول أن يغني على مقام العمالقة في الحجاز فتتحول ضحكتك إلى قهقهة تذكّرك أن الضحك لا يليق بك ابتسم أو أصمت.
تصمت فتتألم أكثر، كسيدة لم تنصفها الطبيعة فاختارت مساحيق التجميل لتواري قبحها مجبرة هي لا أكثر، يأتي عليك الليل لتنعي فيه أفكارك التي كونتها عبر عشرات السنين تنتهي مدة صلاحيتها وتصحبها إلى متواها الأخير بعد اكتشافك أن ما كنت تؤمن به خرافة من صنع الأساطير، تصحبها إلى متواها الأخير تحذفها ليولد مكانها أفكار جديدة اكثر واقعية وحكمة وربّما أجمل في التعبير، يتغير كل شيء إلا الحزن، الحزن ياصديقي لا يفارقك، أسئلتكَ كفتاةٍ لأنكَّ معجبٌ بها تراوغكْ، تحاول التوقف وتتظاهر بالنسيان، وفي لحظة لا تنتظر شيء وربما تنتظر كل شيء إلا هي تأتي لتداعبكْ، التفكيرْ كالنساءْ عندما تدير ظهرك لهمْ يحبونك أكثرْ ويدمنوك حد الثمالة، المسألة ومافيها ياصاحبي أنك أنت كذلك ادمنت التفكير وأحببت القراءة والمشكلة هنا من يدمن التفكير والقراءة يدمنُ معهمْ الارقْ، لأنهم وجهة لعملة واحدة.
أُكْتُبْ وقتلْ احزانكَ قبل أن تتكاثرْ، أتعرفُ لماذا تتكاثر ياصاحبي؟ وعلى ماتقتات أتعرف؟ أم لا؟!!! إنك لا تعرف شيئا لأن عقلك معطّلْ، إنَّ الأحزانَ تتكاثرْ بشكلٍ فظيعْ حينما لا يكون لأسئلتك جواب، وإنها تقتات على الشك، كلما شككت بشيء وظل الجواب مبهما تكاثرت أكثرْ، صدّقني لقد جرّبت كل شيء صليتّ بقلب خاشعْ وأحببت بقلب خاشعْ وعبدة الله بقلب خاشعْ وحتى عندما عصيته عصيته بقلب خاشعْ مشكلتي ياصاحبي أنني أفعل كل شيء بقلبي، نعمْ بقلبٍ خاشعْ، حتّى موتي، مهلا! ولكنّك حيٌّ ترزقْ، يخيَّلُ لك ياصاحبي، أنا حيٌّ في نظرك أنتْ لا غير لكنّي أنا ميِّتْ، روحي عُذِّبَتْ لحدِّ الموت وماتبقَّى إلا هذا الجسد الهالك الذي سيملئ بطون الديدانْ، جسدكَ ياصديقي ستقتات عليه الديدانْ، لكنَّ الرّوحْ الرّوحْ وحدها هي من تعطي قيمة لهذا الغطاء الاجوفْ، لهذا كن متؤكِّدًا أنّه لاعذاب لجسد بلا روحْ.
سيأتي يوم ستملُّ مني هاته الرُّوحُ اللعينة وتسخر مني لأنّها عذبتني حتّى الموتْ، و بأيّ ذنب عذَّبتني ؟ وحده الله يعلمْ ، أوليس هو خالقها ؟ لا أعلمْ.
ما أعرفه أنّها حين تملّ منّي ، و حين سيصبح عذابي دون قيمة ، و لن تتلذَّذَ بعد الان، ستخرج منِّي لاغادر هذا المكان الذي لم أحبه قط ، فكيف لك أن تحب شيئا لم تختره ؟!!!.
ستخرج لتبحث عن جسد آخر، جسد ليّنْ، جسد لتوِّه خرج ليرى مالم يحطْ به علماَ، خطواته محسوبة في هاته الحياة ، اللذي بدوره يتساؤل عن معنى وجوده هنا ، فتتّخذه مسكناً، لتمارس هوايتها المفضلة ، العذابْ...!.」
い